في ضرورة استبعاد الدراسات التمرينيّة/ ا.د. عقيل عبد الحسين

 

في ضرورة استبعاد الدراسات التمرينيّة

في ضرورة استبعاد الدراسات التمرينيّة/ ا.د. عقيل عبد الحسين

عرض كتاب الدكتور صلاح حسن حاوي إشكاليات الحجاج في المفهوم والتوصيف

عقيل عبد الحسين

ليست ظاهرة ارتباك الدراسات الأكاديميّة في العراق-وفي غيره ربما! - في التعامل مع المفاهيم والمناهج والمصطلحات الوافدة إليها من الثقافة الغربيّة، بغير المألوفة، أو الخافية، على المعنيين بمشكلات البحث، وقيمته الاجتماعيّة والثقافيّة. وليست مقصورة على حقل البلاغة الجديدة، أو تحليل الخطاب. ولكنها حاضرة في علم السرد، واللسانيات، والدراسات الثقافيّة، والنقد عموماً.  ولذلك يتجه كتاب "إشكاليات الحجاج في المفهوم والتوصيف"، للدكتور صلاح حسن حاوي، أستاذ البلاغة وتحليل الخطاب، في جامعة البصرة، كلية الآداب، قسم اللغة العربية، إلى مشكلات مفهوم الحجاج، واستعماله وتطبيقه في الدراسات الأكاديميّة، فهو، أي المفهوم، يعاني من ضبابيّة، كما يقول الكتاب، يوازيها استسهال من لدن الباحثين في فهمه، أو استعماله في البحث، حتى صار "درس من لا درس". وتحوّلت دراساته إلى ما يشبه التمرينات التي تعطي القاعدة، أو نوع الحجاج، ثم تجعل النصوص مجالاً للتطبيق، والبحثَ تمريناً، بلا روح أو غاية، يذكر بدرس البلاغة التقليديّة، في تحويلها النصوص الشعريّة، إلى تمرينات، لكشف أنوع البيان والبديع.

يسعى الكتاب إلى "انقاذ مفهوم الحجاج" عبر النظر إليه فيما يدعوها المؤلف المنظومات الأربع: القرآن، واللغة، والمنطق، والبلاغة. وهو في أية واحدة منها، يخضع لنظام خاص تفرضه المنظومة، وتجبر الباحث على إعادة النظر في مفهوم الحجاج، الذي لا يمكن أن يكون في القرآن، بديلاً عن الجدل، أو المخاصمة، ودلالاتهما المرتبطة بالسياق القرآني. ولم يكن حاضراً في منظومة اللغة، التي ارتبطت بالتعبير اللفظي أكثر من ارتباطها بالأفعال الجسديّة والنفسيّة. ولا حاضراً في منظومة المنطق الذي لم يتعد الحجة إلى مفهوم الحجاج المعروف اليوم، ولا في منظومة البلاغة، التي مالت إلى البعد المنطقيّ التنظيميّ.

يدعونا الكتاب إلى الحذر والتأني في استعمال المفهوم في البحث. وإلى النظر إلى خصوصية الحقل المدروس: دراسات قرآنيّة، أو بلاغة، أو لغة، أو غيرها؛ لنستطيع تقديم معرفة موضوعيّة، نافعة للبحث، وللقارئ، قابلة للنمو والإزهار. وإلا ظل البحث في هذا المجال موسوماً بالسذاجة والسطحيّة، أو الاجترار والتقليد في أحسن الأحوال.

صدر الكتاب ضمن سلسلة البلاغة الجديدة وتحليل الخطاب، الكتاب الثاني، عن دار شهريار، البصرة، 2018. وجاء في 80 صفحة من القطع المتوسط.